رقم العضوية : 73371
الانتساب : Dec 2006
الجنس : أنثى
المشاركات : 2,361
بمعدل : 0.36 يوميا
معدل تقييم المستوى : 52
التقييم : Array
|
مقال للدكتوره :منال الرويشد
كلما تغير الواقع الثقافي للمجتمع تغير الفعل الاستاطيقي للإنسان من حيث التذوق والإبداع.
كل ثقافة من الثقافات في مختلف الحضارات وتاريخ البشرية لها معاييرها المستقلة والتي تميز شعب عن أخر ففي خضم التحولات تغيرت حركة فعل الإنسان واتسع أفقه وأصبح هناك ما يعرف بالثقافة البصرية فكانت التغيرات المتسارعة في صراع وتعارض مع القوى الاجتماعية تارة ومع القوى الثقافية تارة أخرى .
ويعد الفن شكل من أشكال الثقافة وهو أيضا شكل من أشكال الحياة فهو مجال تنفيس لخلجات النفس والمشاعر والأحاسيس وهو في مختلف مجالات الفنون نشاط إنساني رفيع. يحاول الإنسان من خلاله التعبير عن أفكاره وأحلامه وأمانيه تارة وتارة يعبر عن أفكار وأحلام وأماني مجتمعه أو أمته . والفن التشكيلي شكل من أشكال الفن الذي تظهر فيه التعبيرات الفنية باتجاهات فنية عديدة ساهمت في تطور ونمو الحركة التشكيلية وقد نادى لها عدد من الفنانون على اعتبار أن الإنسان يبدع الفن وينتجه بإحساسه وبرؤيته ووفق معطيات عصره.فتاريخ الفن التشكيلي العالمي ملئ بكثير من الاتجاهات الفنية وأساليب الأداء المتنوعة كالانطباعية، والتكعيبية، والدادائية، والسريالية وغيرها.." , وكان التطور من الفن التقليدي الذي نافسه اختراع آلة التصوير الفوتوغرافي وصولا إلى الفن الحديث ثم المعاصر إلى حد الغائية في الفن كل هذا ساهم في تطور ونمو سريع للفن الذي أنعتق من كونه خاص بالطبقة الارستقراطية ليكون فن المجتمع الذي يشير إلى الإنسان في مختلف حالاته وأساليب عيشه وتكيفه مع الحياة,و تعددت التيارات الفكرية والفنية تأثرا بالجمال تارة وتارة أخرى بأثر الحروب والدمار الذي أصاب الإنسان في مجتمعات عديدة.
وقد واجه بعض الفنانين عدد من التحديات في بداياتهم من رفض لرؤيتهم وتشكيك في مهاراتهم واستنكار للأشكال والألوان والوسيط والسطح وغيره!!واتهم بعضهم بالجنون وتخريب الفن وتقبيح الجمال, والآن تغير مجرى التاريخ وأصبح الإنتاج الفكري والفني لذلك الفنانين المنبوذين محط اهتمام واعتناء واعدت الدراسات البحثية والإصدارات المتنوعة لها ودرست اتجاهاتهم في الجامعات الأكاديمية وكانت من أهم التحولات الثقافية البصرية في الفن التشكيلي المعاصر بل وتباع اللوحات في مزادات عالمية وبأسعار خيالية. فمخالفة المألوف على مر الزمان يقف صاحبه في مواجهة ليس من ناحية القيم الجمالية فقط وإنما من حيث استخدام الأداة والوسيط و مستوى الأداء. فهناك من يكون لدية رغبة شديدة لمواكبة العصر فيحدث بعض الهزة في الراكد ومنها بناء لوحة رقمية تشكيلية على شاشة الحاسب الآلي لا تختلف كثيرا عن بناءها على لوحات ترسم وتلون باليد من القماش والورق. الفرق الوحيد هنا هو الأداة والوسيط التقني بما يعرف بالفن الرقمي وهو فن ظهر في الآونة الأخيرة في مجالات الرسم والتصميم والتصوير, وقد عرفته أمريكا منذ أكثر من خمسين سنة مضت وفي العديد من دول العالم تنظم له المعارض ويحفظ الإنتاج الفكري في متاحف عالمية مثل متحف "سان فرانسيسكو للفن الحديث "SFMOMA و"مركز ووكر" Walker Center و"متحف ويتني Whitney museum" وف مجتمعات أخرى يواجه هذا الفن بالرفض لكونه من وجهة نظرهم ينتج بضغطة زر ولانه فن نظيف لاتتسخ يد الفنان ولا ملابسه ولايشم رائحته.
الفن الرقمي بمعناه العام يشمل عدد من الفنون ولكن في علاقته مع الفن التشكيلي هو كما عرفته مجموعة الفن الرقمي والتي انطلقت حديثا في المملكة العربية السعودية كأول مجموعة رقمية عربية ترى هذه المجموعة بأنه (استخدام الحاسب الآلي وبرامجه المتخصصة في الرسم والتصميم والمعالجة لإنتاج أعمال فنية معاصرة ).
ويتميز الفن الرقمي باختصار للمكان والزمان والجهد باستخدام برامج وأدوات الحاسب الآلي حيث استبدلت اللوحة بالشاشة والفرشاة بادوات الماوس من خلال الفارة او القلم الضوئي ,وقد أتجه بعض التشكيليون والتشكيليات في المملكة نحو الفن الرقمي والمشاركة بجهود فردية في المعارض التشكيلية الجماعية أو الفردية والتي أصبحت موقع جدل وقبول لدى البعض ونفور من البعض الآخر!! وقد دار نقاش حول الفن الرقمي في عدد من المنتديات والصحف وهل هو فن له علاقة بالفن التشكيلي والفنان وقد كتب في هذا الفنان التشكيلي الدكتور "هشام مغربي" في موقع بيت الفن 8 2-4-2005م أن (الكمبيوتر يعتبر كأي أداة يستخدمها الفنان في التعبير عن أحاسيسه وانفعالاته لكي يترجمها على الورق أو على شاشة الكمبيوتر حتى يعرض في الأخير عمل فني مميز ومتكامل...مشكلة البعض انه لا يحب ان يعطي نفسه فرصة لكي يدرك مدى إمكانيات هذه الخامة وكيف انها عديمة الفائدة لولا إحساسنا وتفكيرنا الإبداعي لكي نقوم بتوظيفها بالشكل المناسب لكي نقدم عمل فني راقِ) فهو هنا يؤكد على الإحساس وعلاقته بالتعبير وان التعبير باستخدام الحاسب لا يكون بدون الإحساس والتفكير ثم يتابع (البعض يرى في الكمبيوتر انه مجرد فوتوشوب وتركيب صور وهذا هو الفن فقط الذي يفترض ان يقدمه الكمبيوتر وللأسف في اغلب الأحيان ومن خلال تجربة شخصية وجدت ان كل الذين يشتغلون بالكمبيوتر ويعتقدون أنهم يقدمون لوحات فنية فأنهم نفذوا أعمالهم عن طريق الفوتوشوب ...منهم من نجح ومنهم من لازال يصارع ويصارع..الآن توجد عدة برامج متخصصة في الرسم ويمكن من خلالها استخدام أي خامة لونية وأي سطح تريد الرسم عليه وبها عدة مميزات تعطي الفنان نفس الشعور والحس وكأنه يجلس في مرسمه الطبيعي.) بهذا وصل د.مغربي إلى أهمية الخبرة في مجال البرامج والممارسة ودور الثقافة البصرية وعلاقتها بالشعور والحس لدى الفنان.
فتقنية الحاسوب لها دور كبير وأساسي في إنتاج العمل الفني التشكيلي الرقمي ولكنها ترتبط بشكل مباشر باداء الفنان ومهارته وقدراته على توزيع العناصر الشكلية كل من (النقطة- الخط – المساحة – الشكل- اللون -الملمس- الظل والنور). ويرتبط هذا أيضا بدور القيم الجمالية لكل من (الإيقاع –والتكرار- والتوازن-والحركة- التباين والتضاد- الوحدة والترابط). وعلاقة هذا بالأفكار ومضامينها التعبيرية والجدة والابتكار والإبداع.فالفنان بدوره هو هذا الإنسان العظيم المبدع المتجدد المطور الذي يكتشف كل يوم رؤية جديدة في عالم الفن التشكيلي وما زالت اكتشافاته المتلاحقة والمثيرة وجرأته في التعبير والعرض لها تدعوا إلى احترام العقل ومدركاته وترسم معالم المستقبل باتساع الأفق في تشكيل فني عصري متطور توظف فيه التقنية بصورة عصرية, والفن التشكيلي ليس وقفا على ما وصل إلينا ممن سبقونا وإنما هي أصالة لابد أن نجمع بينها وبين ما يمكن أن نتعايش فيه مع معطيات العصر,فالفنان المعاصر يوجد لغته الفنية الجديدة بما يتلاءم مع ثقافة مجتمعه وحاجته للتغير والتطوير والنمو ايضا.وهو إنسان يتفاعل وينفعل مع الكون من حوله ومع محيطه الاجتماعي فيجمع الاضداد والازدواجية والتبعية والخير والشر وعدد من الثنائيات(حياة وموت ,حب وكره ,فرح و حزن،سعادة وتعاسة,لقاء وفقد,أمل ويأس وحدة وشراكه، أمن وخوف ، تواضع وغرور,حنان وجفاف,رحمة وقسوة, فرج وشدة, ابتسامة ودمعة,غنى وفقر, صحة ومرض.).وتعبيره عنها يكون بأي أداة وأي وسيط وبأي مستوى يراه مناسبا يشعر به والمهارة التي يجيدها البعض بالمران المستمر باستخدام برامج الحاسب الآلي تمكنه من نمو خبرته وتنوع مهاراته في إنتاج لوحة تشكيلية رقمية يراها البعض انها انتاج صنعته الآلة لأميتهم في ممارسة الفنون الرقميةوفي ثقافة التشكيل هناك فنانون مارسوا استخدام تقنيات في الأداء ومنهم من تنوع في استخدام الألوان (المائية أو الاكريلك أو الباستيل او الزيت وغيرها) ومنهم من تنوع في استخدام الاداة باستخدم الفرشاة أو السكين او أدوات يصنعها بنفسه ,وكان رصيد خبرته يزيد بزيادة تنوع مهاراته وممارسته المستمرة واطلاعة وزيارته للمعارض والتعرف على تجارب الاخرين فالتعبير الفني يخضع لحاجة الفنان للتنفيس من ناحية ويحتاج الى غذاء ثقافي من ناحية اخرى ويكون اختيار المفردات الشكلية التي تعالج بقيم فنية بنائية وإنشائية وفق خبرة الفنان . في معرضي الشخصي التشكيلي الرقمي " يأتي بلا موعد" 2008م قدمت فيه لوحات رقمية, ولقيت إقبال كبير من الحضور الثقافي والعامة أيضا وكان الحدث الواضح أنه معرض مخالف للمألوف اللوحات المعروضة جميعها مطبوعة جذبت كثير من الشباب والشابات وأثارت الحماس في طباعة أعمالهم التي تعتمد على بطاقات وبنرات وتواقيع في المنتديات, وفي مجموعتي في معرض" إشكاليات إنسان" 2009م كان فرصة أيضا للتعريف بدور اللوحة المطبوعة كاتجاه حديث لا ينقص شيئا من التعبير والهدف من المشاركة في المعارض التشكيلية .فالفن التشكيلي لغة تعبير اختيار الوسيط والأداة يعود للفنان والأهم ما بداخل اللوحة من حالات شعورية وقيم تشكيلية بنائية فهنا تقاس المهارة ولتكن الثقافة البصرية تجمع بين العصرية وبين حاجة الفنان للتعبير كما يريد لا كما يوضع له قالب تقليدي يقصي التقنية والتعبير من خلالها.
الفنانة التشكيلية منال بنت عبد الكريم الرويشد
عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية
عضو مؤسس في مجموعة الفن الرقمي
|
Bookmarks